خبر تناقلته وكالات الانباء على مضض ولم يكترث له العالم الغارق في متابعه الاحداث في مصر وتطورات فضيحه الاداره الامريكيه على يدي Snowden:
وبرغم عدم اكتراث العالم، فالخبر مذهل لعدّه اسباب:
١. ان هناك "طائره بدون طيّار" اصلا ً، فقبل عشره سنوات فقط، لم يكن هناك احد في العالم ينطق عباره "طائره بدون طيّار" خارج نطاق الحديث عن افلام الخيال العلمي.
٢. ان هناك طائره بدون طيّار، والخبر الاعلامي ليس عن كونها بدون طيّار، بل عن هبوطها في مكان ما او طريقه ما. وكأن العالم ابتلع مفاجئه الطيران بدون طيّار بهذه السهوله وهذه البساطه وهذه السرعه.
٣. ان الطائره هبطت على مدرج سفينه ناقله للطائرات بدون اي معونه من عقل بشري.
والهبوط على مثل هذا المدرج يعتبر من اصعب مناورات الطيران الحربي لأن المدرج قصير جدّا ومبنيّ على متن سفينه تتهادى مع تماوج المياه تحتها وتتحرّك بفعل محركاتها في اتجاه غير معلوم للطائره الهابطه. كما ان الجو في البحر عموما غائم وماطر وضبابيّ بما يصعّب ابصار العوامل المحيطه، والريح على سطح البحر تعتو وتتقلب بشكل غير منتظم مما يحتّم ضروره تعديل المسار على الدوام. اضف الى كلّ ذلك أن عمليّه الهبوط لا تستغرق اكثر من ثوانٍ قليله، على الطيار ان يدرس فيها جميع المعطيات السابقه ويعدّل مسار الطائره في الوقت المناسب والّا.
لكلّ هذه الاسباب ولغيرها، كان الهبوط على مدرج السفينه مهاره لا تتأتّى الّا لعقل بشريّ بعد سنين من الدراسه والاختصاص والتدريب. نقول "كان"، حتى الاسبوع الماضي، وإذا بنا اليوم في دنيا تقدر فيها الاله على هذه المهاره.
"الذكاء الاصطناعي" هو اسم العلم الحديث الذي يعنى بمثل تلك الانجازات، وهو بصيغته الحاليّه علم عمره اقلّ من ٢٠ عاماً، وتتفوق به دول قليله على رأسها امريكا واسرائيل والصين واسبانيا. وتقع تحت طائله الذكاء الاصطناعي كل مهاره لا يقدر عليها اليوم الا العقل البشري، من تلخيص مقاله الى تأليف قصيده الى تمييز الوجوه في صوره، الى قياده طائره حربيه تحمل اطنانا من الدمار وتخرق بها حاجز الصوت.
عندما كنت اتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي قبل بضع سنوات، كان عدد الطلّاب في دفعتي بإحدى جامعات New York المشهوه ١٦ طالبا فقط. واذكر انني تفاجأت عندما وصلتني يوما حينها رساله من البحرّيه الامريكيه معنونه لي شخصيّا، تدعوني الى الالتحاق بالسلك الهندسي بالبحريه، رغم اني في ذلك الوقت لم اكن امتلك حتى حق الاقامه الدائمه في امريكا، وكانت علاقتي بتلك الدوله لا تتعدّى كوني طالبا مغتربا. ولكن دهشتي تبددت عندما خبرّت بعض افراد دفعتي فأخبروني بدورهم انهم تسلّموا دعوات مماثله.
ولم اكن ادرك يومها تمام الادراك حاجه البحريّه الامريكيه لباحثين مختصين بعلم الذكاء الاصطناعي. ولكنني احتفظت بالرساله ولازلت، ربّما لانني كنت احدس ان وراءها شيء اكبر من مجرّد دعوه... اما اليوم فانا ادرك ان تلك الدعوه كانت فيها بصيره لدنيا الغد، التي ما لبثت تتجلى لنا اليوم بوضوح اكبر. وادرك اليوم بعد ان انتهى المطاف فعلا بعدد لا بأس به من زملائي بالعمل كعقول مأجوره في شتى مؤسسات الحربيه الامريكيه، ما يلي:
انا اكتب هذا المقال بالعربيه، لانني اتعمد مخاطبه الانسان العربي المعاصر، الذي يجهل او يتجاهل مدى الهوّه السحيقه التي تفصل وطنه عن مقدّمه الركب. فالخطاب العربي الذي يتحدّث عن وعي المواطن ووجدان الامه وضمير الشعوب، خطاب مليء بالعاطفه والامال الطفوليه. ونحن في الواقع مقبلون على مستقبل ماديّ بامتياز، ستكون الغلبه فيه للاله فقط، ولا غلبه فيه "للوعي" او "الوجدان" !
فان كانت طائره اليوم قادره على الهبوط الصعب وحدها، فان طائره الغد القريب ستكون قادره على كل انواع المناوره من الاقلاع مرورا بتقصي العدو ومصاولته والقضاء عليه ومن ثم الهبوط لوهله للتزود بالوقود فقط قبل الاقلاع مجددا. وكل ما يلزم للوصول الى هذا المستقبل هو المزيد من ابداعات الذكاء الاصطناعي من قبل نفس الاشخاص الذين يقومون عليه ليل نهار في مختبرات وجامعات امريكا اليوم.
واذا كان الطيار بحاجه الى راحه او طعام او نوم، فإن الطائره بلا طيار سلاح فتّاك على مدار الساعه، ليل نهار وبلا توقف... الى الابد! ثم ان الطائره جهاز كبير الحجم ثقيل البنيه، لكي تستطيع ان تحتوي بداخلها طيّاراً او اثنين. اما بلا طيّار، فلا داعي للحجم الكبير او الحموله الزائده. وقد يختزل الحجم الى ما يقارب "الطائر" الصغير لا الطائره، فتكون بذلك سلاحا يصعب تقصيّه بالرادار او مجابهته بالاسلحه التقليديه.
واذا كانت الطائره الاليه الواحده تكلف الملايين، فالطائر الالي صغير الحجم قد لا يكلف اكثر من الاف. وبما انه لا يكلف الكثير من الاموال او مواد الصنع، وبما انه لا يحتاج الى طيار متدرب لقيادته، ستتمكن الولايات المتحده ان تسخر اسرابا من هذه الالات تعد بالملايين. فتطلقها بعد ذلك كلعنه الجراد على من ترى "انه طغى لعلّه يتذكر او يخشى"، محققه على ارض الواقع قصّه موسى وفرعون!
وعلى غرار الطائره قس دبابه المستقبل الذكيه و مشاه المستقبل الاليين ومدفع المستقبل وغيرها وغيرها من جحافل الالات المسيّره ذاتيا، كل واحد منها على اتصال مباشر مع كل افراد السرب بلا انقطاع، حتى تؤدي الأذى بشكل منظّم بلا حدود، كما لو كانت جيوشا جرّاره من مخلوقات فضائيه تتمتع بملكه توارد الخواطر!
ثم اضف الى هذا المشهد معجزه ثوره المعلومات الحديثه، فيخلص الامر الى ان كل جندي آلي ذكي، وكل طائره ذكيه، بل وكل طلقه ذكيه يطلقها كل سلاح من هذا الجيش الاصطناعي، كل من هؤلاء يعرف كلّ شيء عن كلّ شيء. يعرف كل تفاصيل التضاريس الجغرافيه لساحه المعركه بل للعالم بأسره، ويعرف خريطه كل الشوارع والميادين والبنايات، فيعرف اين يضرب واين يختبيء وكيف يصل من اي نقطه الى اي نقطه، ويعرف اين يتمركز العدوّ واين يخبيء ذخيرته واين تعبر امداداته - فهو ادرى بشعاب بكّه من اهلها! بل ويعرف "السرّ وما يخفى" فهو يعلم مخطط شبكات الكهرباء وانابيب المياه والغاز والمجاري. يعرف طبيعه ومدى ونقاط ضعف كل سلاح من اسلحه العدوّ او دفاعته، ويعرف منتهى كل عصب او شعيره دمويه في جسم الانسان حتّى يفتك ببراعه طبيب جرّاح. ان المحارب الالي يعرف كلّ شيء... الّا الرحمه.
في مواجهه جيش من هذا النوع، لا جدوى من التخطيط العسكري، فأنت تلعب الشطرنج مع عقل الكتروني يحسب حساب كل الاحتمالات الممكنه للهجوم والدفاع وان كانت بالملايين، ويحلل كل الردود عليها فيختار الرد الامثل قبل ان تستطيع ان تحرك شفتيك لتعطي الاوامر. وانت تضع جيشك التقليدي بمواجهه جيش منظّم منسّق كما المسننات التي تحرك عقارب الساعه. وباستطاعه جيش كهذا ان يقوم بتكتيكات عسكريه مستحيله بل وان يغير ويحوّر التنظيمات بسرعه خياليّه حتى يربك العدو ولايعطيه فرصه للتأقلم.
في مواجهه جيش من هذا النوع، لا مجال حتّى للهرب او الاختباء. فكّل ما يراه اي عنصر من عناصر الجيش يكون معلوما لكلّ العناصر الاخرى بشكل تلقائي. فيكفي ان تلمح مخبأكَ آله واحده لوهله، وان دمّرتها على الفور، حتى تصبح فجأه ملاحقا قبل ملايين الالات الاخرى التي تعرف موقعك بالتحديد! ويكفي ان تتذاكى على آله واحده فتدمرها بطريقه فذّه، حتى تنتقل خِبره الخساره تلقائيا الى كل الالات الاخرى التي تغيّر على الفور طريقه المناوره لتتجنب الوقوع بنفس الخطأ - فهو جيش لا يُلدغ من جحر مرّتين!
زبده الكلام ان لنا اطفالا يرضعون اليوم، سيشيبون في عالم تقترب فيه الهوّه بين سطوه امريكا ومقاومه اعدائها من الهوّه بين عقاب موسى و مقاومه فرعون! اننا مقبلون على مستقبل يميل فيه ميزان القوى بشكل غير طبيعي، غير مسبوق، وغير معقول.
في هذه الاثناء، وفي عالم موازٍ وراء البحار، ما زال الناس يقاطعون مسحوق الغسيل وفنجان القهوه الامريكي حتى يجيء الفرج…
طائره حربيه امريكيه بدون طيّار تهبط لأول مرّه على مدرج ناقله طائرات بحريّه في خليج Virginia
وبرغم عدم اكتراث العالم، فالخبر مذهل لعدّه اسباب:
١. ان هناك "طائره بدون طيّار" اصلا ً، فقبل عشره سنوات فقط، لم يكن هناك احد في العالم ينطق عباره "طائره بدون طيّار" خارج نطاق الحديث عن افلام الخيال العلمي.
٢. ان هناك طائره بدون طيّار، والخبر الاعلامي ليس عن كونها بدون طيّار، بل عن هبوطها في مكان ما او طريقه ما. وكأن العالم ابتلع مفاجئه الطيران بدون طيّار بهذه السهوله وهذه البساطه وهذه السرعه.
٣. ان الطائره هبطت على مدرج سفينه ناقله للطائرات بدون اي معونه من عقل بشري.
والهبوط على مثل هذا المدرج يعتبر من اصعب مناورات الطيران الحربي لأن المدرج قصير جدّا ومبنيّ على متن سفينه تتهادى مع تماوج المياه تحتها وتتحرّك بفعل محركاتها في اتجاه غير معلوم للطائره الهابطه. كما ان الجو في البحر عموما غائم وماطر وضبابيّ بما يصعّب ابصار العوامل المحيطه، والريح على سطح البحر تعتو وتتقلب بشكل غير منتظم مما يحتّم ضروره تعديل المسار على الدوام. اضف الى كلّ ذلك أن عمليّه الهبوط لا تستغرق اكثر من ثوانٍ قليله، على الطيار ان يدرس فيها جميع المعطيات السابقه ويعدّل مسار الطائره في الوقت المناسب والّا.
لكلّ هذه الاسباب ولغيرها، كان الهبوط على مدرج السفينه مهاره لا تتأتّى الّا لعقل بشريّ بعد سنين من الدراسه والاختصاص والتدريب. نقول "كان"، حتى الاسبوع الماضي، وإذا بنا اليوم في دنيا تقدر فيها الاله على هذه المهاره.
"الذكاء الاصطناعي" هو اسم العلم الحديث الذي يعنى بمثل تلك الانجازات، وهو بصيغته الحاليّه علم عمره اقلّ من ٢٠ عاماً، وتتفوق به دول قليله على رأسها امريكا واسرائيل والصين واسبانيا. وتقع تحت طائله الذكاء الاصطناعي كل مهاره لا يقدر عليها اليوم الا العقل البشري، من تلخيص مقاله الى تأليف قصيده الى تمييز الوجوه في صوره، الى قياده طائره حربيه تحمل اطنانا من الدمار وتخرق بها حاجز الصوت.
عندما كنت اتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي قبل بضع سنوات، كان عدد الطلّاب في دفعتي بإحدى جامعات New York المشهوه ١٦ طالبا فقط. واذكر انني تفاجأت عندما وصلتني يوما حينها رساله من البحرّيه الامريكيه معنونه لي شخصيّا، تدعوني الى الالتحاق بالسلك الهندسي بالبحريه، رغم اني في ذلك الوقت لم اكن امتلك حتى حق الاقامه الدائمه في امريكا، وكانت علاقتي بتلك الدوله لا تتعدّى كوني طالبا مغتربا. ولكن دهشتي تبددت عندما خبرّت بعض افراد دفعتي فأخبروني بدورهم انهم تسلّموا دعوات مماثله.
ولم اكن ادرك يومها تمام الادراك حاجه البحريّه الامريكيه لباحثين مختصين بعلم الذكاء الاصطناعي. ولكنني احتفظت بالرساله ولازلت، ربّما لانني كنت احدس ان وراءها شيء اكبر من مجرّد دعوه... اما اليوم فانا ادرك ان تلك الدعوه كانت فيها بصيره لدنيا الغد، التي ما لبثت تتجلى لنا اليوم بوضوح اكبر. وادرك اليوم بعد ان انتهى المطاف فعلا بعدد لا بأس به من زملائي بالعمل كعقول مأجوره في شتى مؤسسات الحربيه الامريكيه، ما يلي:
هناك عدد كبير من العقول التي لا يمكن وصفها الا بالعبقريه، تدأب العمل اليوم بعزيمه جباره نحو هدف واحد، هو تربّع امريكا على عرش العالم بطريقه لم ير مثلها التاريخ المدوّن منذ ان تحلّق البشر حول النار لاول مره.
انا اكتب هذا المقال بالعربيه، لانني اتعمد مخاطبه الانسان العربي المعاصر، الذي يجهل او يتجاهل مدى الهوّه السحيقه التي تفصل وطنه عن مقدّمه الركب. فالخطاب العربي الذي يتحدّث عن وعي المواطن ووجدان الامه وضمير الشعوب، خطاب مليء بالعاطفه والامال الطفوليه. ونحن في الواقع مقبلون على مستقبل ماديّ بامتياز، ستكون الغلبه فيه للاله فقط، ولا غلبه فيه "للوعي" او "الوجدان" !
فان كانت طائره اليوم قادره على الهبوط الصعب وحدها، فان طائره الغد القريب ستكون قادره على كل انواع المناوره من الاقلاع مرورا بتقصي العدو ومصاولته والقضاء عليه ومن ثم الهبوط لوهله للتزود بالوقود فقط قبل الاقلاع مجددا. وكل ما يلزم للوصول الى هذا المستقبل هو المزيد من ابداعات الذكاء الاصطناعي من قبل نفس الاشخاص الذين يقومون عليه ليل نهار في مختبرات وجامعات امريكا اليوم.
واذا كان الطيار بحاجه الى راحه او طعام او نوم، فإن الطائره بلا طيار سلاح فتّاك على مدار الساعه، ليل نهار وبلا توقف... الى الابد! ثم ان الطائره جهاز كبير الحجم ثقيل البنيه، لكي تستطيع ان تحتوي بداخلها طيّاراً او اثنين. اما بلا طيّار، فلا داعي للحجم الكبير او الحموله الزائده. وقد يختزل الحجم الى ما يقارب "الطائر" الصغير لا الطائره، فتكون بذلك سلاحا يصعب تقصيّه بالرادار او مجابهته بالاسلحه التقليديه.
واذا كانت الطائره الاليه الواحده تكلف الملايين، فالطائر الالي صغير الحجم قد لا يكلف اكثر من الاف. وبما انه لا يكلف الكثير من الاموال او مواد الصنع، وبما انه لا يحتاج الى طيار متدرب لقيادته، ستتمكن الولايات المتحده ان تسخر اسرابا من هذه الالات تعد بالملايين. فتطلقها بعد ذلك كلعنه الجراد على من ترى "انه طغى لعلّه يتذكر او يخشى"، محققه على ارض الواقع قصّه موسى وفرعون!
وعلى غرار الطائره قس دبابه المستقبل الذكيه و مشاه المستقبل الاليين ومدفع المستقبل وغيرها وغيرها من جحافل الالات المسيّره ذاتيا، كل واحد منها على اتصال مباشر مع كل افراد السرب بلا انقطاع، حتى تؤدي الأذى بشكل منظّم بلا حدود، كما لو كانت جيوشا جرّاره من مخلوقات فضائيه تتمتع بملكه توارد الخواطر!
ثم اضف الى هذا المشهد معجزه ثوره المعلومات الحديثه، فيخلص الامر الى ان كل جندي آلي ذكي، وكل طائره ذكيه، بل وكل طلقه ذكيه يطلقها كل سلاح من هذا الجيش الاصطناعي، كل من هؤلاء يعرف كلّ شيء عن كلّ شيء. يعرف كل تفاصيل التضاريس الجغرافيه لساحه المعركه بل للعالم بأسره، ويعرف خريطه كل الشوارع والميادين والبنايات، فيعرف اين يضرب واين يختبيء وكيف يصل من اي نقطه الى اي نقطه، ويعرف اين يتمركز العدوّ واين يخبيء ذخيرته واين تعبر امداداته - فهو ادرى بشعاب بكّه من اهلها! بل ويعرف "السرّ وما يخفى" فهو يعلم مخطط شبكات الكهرباء وانابيب المياه والغاز والمجاري. يعرف طبيعه ومدى ونقاط ضعف كل سلاح من اسلحه العدوّ او دفاعته، ويعرف منتهى كل عصب او شعيره دمويه في جسم الانسان حتّى يفتك ببراعه طبيب جرّاح. ان المحارب الالي يعرف كلّ شيء... الّا الرحمه.
في مواجهه جيش من هذا النوع، لا جدوى من التخطيط العسكري، فأنت تلعب الشطرنج مع عقل الكتروني يحسب حساب كل الاحتمالات الممكنه للهجوم والدفاع وان كانت بالملايين، ويحلل كل الردود عليها فيختار الرد الامثل قبل ان تستطيع ان تحرك شفتيك لتعطي الاوامر. وانت تضع جيشك التقليدي بمواجهه جيش منظّم منسّق كما المسننات التي تحرك عقارب الساعه. وباستطاعه جيش كهذا ان يقوم بتكتيكات عسكريه مستحيله بل وان يغير ويحوّر التنظيمات بسرعه خياليّه حتى يربك العدو ولايعطيه فرصه للتأقلم.
في مواجهه جيش من هذا النوع، لا مجال حتّى للهرب او الاختباء. فكّل ما يراه اي عنصر من عناصر الجيش يكون معلوما لكلّ العناصر الاخرى بشكل تلقائي. فيكفي ان تلمح مخبأكَ آله واحده لوهله، وان دمّرتها على الفور، حتى تصبح فجأه ملاحقا قبل ملايين الالات الاخرى التي تعرف موقعك بالتحديد! ويكفي ان تتذاكى على آله واحده فتدمرها بطريقه فذّه، حتى تنتقل خِبره الخساره تلقائيا الى كل الالات الاخرى التي تغيّر على الفور طريقه المناوره لتتجنب الوقوع بنفس الخطأ - فهو جيش لا يُلدغ من جحر مرّتين!
زبده الكلام ان لنا اطفالا يرضعون اليوم، سيشيبون في عالم تقترب فيه الهوّه بين سطوه امريكا ومقاومه اعدائها من الهوّه بين عقاب موسى و مقاومه فرعون! اننا مقبلون على مستقبل يميل فيه ميزان القوى بشكل غير طبيعي، غير مسبوق، وغير معقول.
في هذه الاثناء، وفي عالم موازٍ وراء البحار، ما زال الناس يقاطعون مسحوق الغسيل وفنجان القهوه الامريكي حتى يجيء الفرج…
Comments